Thursday 26 November 2015

ماذا نعرف عن «جمعية حب الوطن الإرترية« و"ملتقى بيت قرقيس"


ماذا نعرف عن  «جمعية1  حب الوطن الإرترية« و"ملتقى2 بيت قرقيس"
هل كان هنالك "ملتقى" من الأساس؟ هل كان الإجتماع/اللقاء إخفاق تام؟

هذه الملاحظة هي محاولة لإعطاء ملخص عن هذا "الملتقى"...
وفقا للكاتب الإرتري جوردان قبري مدهن، بعد هزيمة إيطاليا، المثقفين الإرتريين في تلك الفترة، كانوا يلتقون بإنتظام  لمناقشة مستقبل البلاد (ارتريا) وفي عام 1941 اسسوا "جمعية  حب الوطن" و في المؤتمر التأسيسي، تم انتخاب القيادات التالية لرئاسة الحزب:
-         قبري مسقل ولدو:  رئيسا
-         عبدالقادر كبيري: نائب الرئيس
-         حرقوت أبّاي  (واحد فقط من طبقة النبلاء)3:   سكرتير عام

ومن بين أعضاء اللجنة المركزية: ولدآب ولدي ماريام، إبراهيم سلطان، مسقنا قبرزقي، محمد عمر قاضى وبرهانو احمدبن.  "جمعية حب الوطن" كانت تمثل فئة ناشئة جديدة وتكوين القيادة يعكس عن تمثيل قطاعا عريضا من المجتمع الإرتري خلال السنوات القليلة الأولى، لم يكن  لدى إثيوبيا أي اتصال مع الجماعات الإرتريا إلا مع الكنيسة الأرثوذكسية، لأن  الطبقات الحاكمة التقليدية لم تتكون بعد حتى تلك اللحظة.

قبل عام 1944، المصالح الإثيوبيا في إرتريا كان يمثلها أبونا مارقوس، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الإرترية، ولكن مع الحكم البريطاني، الدولة الإثيوبية بدأت التدخل بقوة في إرتريا.     في ذلك الوقت كان هناك أكثر من 100,000 إرتري في إثيوبيا وبعضهم تم جلبهم كفنيين وإداريين مع الغزو الإيطالي لإثيوبيا.  كانوا مدربين تدريبا عاليا بحسب معايير إثيوبيا، وفي عام 1944 حشدت الحكومة الإثيوبية هؤلاء الإرتريين وكونت "جمعية لتوحيد إرتريا وإثيوبيا" في إثيوبيا.  وهكذا إثيوبيا وضعت حجر الأساس لتأسيس الحزب الوحدوي الإرترية (محبر أندنت) وفي عام 1946 ارسلت اثيوبيا ضابط أمن كضابط اتصال إثيوبي (نقا هيلي سلاسي) في إرتريا. مصالح أبونا مارقوس تعارضت مع "جمعية حب الوطن"، لذلك الكنيسة كانت تضافر جهودا  لتشويه سمعة الجمعية.

  التقدم الموالي لاثيوبيا من قبل "جمعية لتوحيد إرتريا وإثيوبيا"  وأبونا مارقوس في المرتفعات الإرترية واجه تحدي  في الجزء الشرقي من اكلي قزاي من قبل حركة مستقلة بقيادة رأس تسما اسبروم وابنه ابرها تسما. "جمعية لتوحيد إرتريا وإثيوبيا"  نجحت في تقسيم "جمعية  حب الوطن" الى فصيلين: المؤيدين للوحدة مع اثيوبيا - الوحدويين (قبري مسقل ولدو وعمر قاضي)، والمؤيدين استقلال ارتريا – الإستقلاليين (ولدآب ولدي ماريام وابراهيم سلطان).  خلال تلك الفترة، وبمساعدة من إثيوبيا، الشباب الإرهابي التابع لحزب الإتحاد/أندنت استهدف المسلمين بشكل عام، المحلات التجارية للجبرتة، ممتلكات ومحلات تجارية التابعة للعرب... وبهذه الأعمل الإجرامية، العداء بين المسلمين والمسيحيين وصل ذروته.   وهكذا العداء بين المسلمين والمسيحيين، وانقسام "جمعية حب الوطن"، والارتباك المستمر في الجهاز الإداري للمجتمع الريفي (الحكام التقليديين كانوا يخسرون نفوذهم وسلطاتهم) مما جعل الشعب الإرتري يبدو منقسما بشكل يائس، ضعيف وغير منظم. نشات فكرة "ملتقى بيت قرقيس" كمحاولة عكس هذا الاتجاه وترتيب البيت الإرتري.

ملتقى بيت قرقيس (نوفمبر 1946 وكيف إثيوبيا والوحدويين المتطرفين أجهدو هذا اللقاء)
فكرة الملتقى كانت من بنات أفكار ولدآب ولدي ماريام. اجتمع وتحدث مع قبري مسقل ولدو رئيس الفصيل الموالي لإثيوبيا ،  لفتح حوار بين الفصيلين آملا في إقامة جبهة موحدة. وافق قبري مسقل ولدو وهكذا  بدأ التخطيط. السياسيون من المنخفضات الإرترية وإبراهيم سلطان أيد الفكرة ولكنهم  امتنعوا المشاركة فيه. تغيب ايضا الحكام التقليديين من اشتراك في هذه المناقشات في ملتقى بيت قرقيس.  وهكذا بدأ المثقفين الإرتريين للاجتماع  وقاموا بصياغة اتفاق يتكون من 12 نقطة.  تم الإتصال بالسياسيين من ابناء المنخفضات  بعد ان تم صياغة الإتفاق فقط.
سأل إبراهيم سلطان لماذا لم يتم استشارتهم خلال فترة التكوين للتوصل الى هذه التفاهمات. الرد الذي تلقاه كان كالأتي:
"لا نملك، لا الوقت ولا الموارد البشرية  لمطاردة وتحديد مكان تواجد البدو لإبلاغهم عن اجتماعات الملتقى. لا سيما ان معلوماتنا محدودة عن تحركات الموسمية للرعاة." إثيوبيا كانت مغيبة خلال تلك المفاوضات.  

 ويذكر جوردان بأن من أهم ضعف هذا النخبة المثقفة، كان عدم وجود اتصال مباشرة واطر تنظيمية مع الجماهير.  هذا كان صحيحا بالنسبة للسياسيين من ابناء المرتفعات.  هذا النقص في الارتباط ضعف المبادرات في لقاء بيت قرقيس.  النتيجة النهائية للإتفاق بما يتعلق ال 12 نقطة التى تم الإتفاق حولها، تطلب اعتراف إثيوبيا بإرتريا كوحدة حكم ذاتي مع كل الحقوق الديمقراطية، بما في ذلك حرية الصحافة واللغة والدين والحق في تشكيل الأحزاب السياسية.  انتخب قبري مسقل ولدو كممثل رسمي ورئيس الإتفاق الملتقى. عندما علمت اثيوبيا عن الملتقى، عملوا بكل قوتهم لإجهاد هذا الملتقى لأنهم لا يريدون شيئا أقل من الإتحاد الكامل (بين ارتريا واثيوبيا). الوكيل الإثيوبي في ارتريا العقيد نقا هيلي سلاسي قام بتعبئة وجهاء الإتحاديين (اندنت)،  لعب تدلا بايرو دورا بارزا لتخريب هذا الإجتماع في بيت قرقيس.

إثيوبيا اعطت تعليمات لعملائها الإرتريين ان يحضروا الإجتماع من اجل افشاله.  اليوم الذي  افتتح فيه الملتقى،  كان اللقاء متوترا وبعيدا عن اجواء التصالحية والسلمية. كان على رأس الممثلين الرسميين لحركة الاستقلال  (مؤيدين استقلال ارتريا) حسن علي، برهانو احمدين، عمرصفاف، زيهايي ابرها، قبري مسقل براخي، ابرها تسما و ولدآب... لقد جلسوا في الأماكن المخصصة لهم.  أما الفصيل الوحدوي (المؤيدين الوحدة مع اثيوبيا) المكون حديثا كان يتكون من:  حدقو قيلاقابر، حقوس برهي، دمساس ولدي ميكئيل،  وتدلا بايرو (الذي حضر لاحقا). تبعهم المهزوم قبري مسقل ولدو  بسبب اتفاق ال 12 نقطة. وبالإضافة إلى ذلك جاء عدد من الشباب وعناصر الشغب من أنصار العقيد نقا الى المؤتمر مسلحين بشكل واضح.

بعد حفل الافتتاح، انتقلت المجموعة المؤيدة لإثيوبيا إلى طاولة المتفق عليها من جدول الأعمال.  تم استخدام مزيج من التهديد والترهيب والقوة لتحقيق هذه الغاية.  أول من تحدث كان دمساس ولدي ميكئيل الذي ناشد الفصيل المؤيدة للإستقلال أن يعود إلى رشدهم والتخلي عن أحلام الطفولية "بحكم الذاتي" لإرتريا وتوحيد مع إثيوبيا، أيد ذلك تدلا بايرو وتفوه بهجمات شخصية  على ولدآب. قبري مسسقل المثقل بشعور الهزيمة أيّد هذا الاقتراح أيضا.  كان واضحا انه اضطر الى تغيير موقفه... وهذا الموقف المتغير والمعاكس تماما لما كان يدّعيه في الماضي، مثّّل نهاية لأحلام ملتقى بيت قرقيس.

إبراهيم سلطان، الذين رفض الانضمام للتخطيط  لهذا الملتقى،  ولكن مع ذلك حضر الاجتماع في بيت قرقيس.... أدان "هذه المؤامرة المسيحية التي باعت إرتريا إلى الذئب"، وتعهد بتأسيس جهاز يحارب التقليد العظيم للغدر لدى الأحباش.  في ديسمبر من عام 1946 ساعد على تأسيس "الرابطة الإسلامية الإرترية". مثقفي الجبرت، الساهو والمصوعيين  شعروا بالخيانة من قبل السياسيين المسيحيين، لذلك انسحبوا من سياسة المرتفعات (كبسا)، بقيادة برهانو احمدين وانضموا الى ابراهيم سلطان في تأسيس "الرابطة الإسلامية الإرترية".
بينما اصبح القادة المؤيدين  للإستقلال من المسيحيين داخل "جمعية حب الوطن" يهيمون على وجوههم دون تركيز سياسي. في الوقت الذي استاؤوا التسوية السياسية الوطنية الإرترية بسبب تأسيس "الرابطة الإسلامية"   على أساس ديني، ولكنهم لم يتمكنوا من ايجاد بدائل عملية.
في النهاية، أدى تشويش ملتقى بيت قرقيس من قبل إثيوبيا والوحدويين المخلصين والموالين لإثيوبيا، الى  تفتيت السياسة الإرترية وبالتالي ظهرت عدة أحزاب.


1- ማሕበር ፍቅሪ ሃገር -  جمعية  حب الوطن  - "Association for the Love of the Country – Eritrea"
ማሕበር =  Association = جمعية
2-ዋዕላ - ملتقى  - FORUM
3-   حرقوت أبّاي  (واحد فقط من طبقة النبلاء)



المصدر: كتاب جوردن قبرمدهن، "الفلاحين والوطنية"
شكرا لي عامر صالح حقوص للترجمة

No comments:

Post a Comment